الرئيسة طب وصحةطب نفسي عملية اتخاذ القرار في الدماغ تضيئه بأكمله

عملية اتخاذ القرار في الدماغ تضيئه بأكمله

0 تعقيبات 216 مشاهدة 4 دقائق قراءة

نشر اتحاد الباحثين في الطب العصبي، المختبر االعالمي للدماغ International Brain Laboratory (IBL) الذي يضم 21 مختبرًا أوروبيًّا وأمريكيًّا، أول خريطة لنشاط الدماغ في مجلة ”Nature“. وترسم هذه الخريطة نشاط 75 ألف خلية عصبية تشارك في عملية اتخاذ القرار.

ماذا يحدث في الدماغ عندما نتخذ قرارًا ؟ كيف تؤدي مئات المناطق الدماغية المترابطة، التي تعالج المعلومات المتعلقة بالأحاسيس والتصرفات، إلى حصول إجراء محدد؟ كشفت مجموعة دولية من الباحثين في الطب العصبي عن أول خريطة كاملة لنشاط الدماغ. في بداية هذا الشهر، نشر باحثو المختبر الدولي للدماغ (IBL) مقالتين في مجلة Nature، كشفًا عن كيفية اتخاذ القرار في الدماغ بأكمله لدى الفئران، بدقة على مستوى الخلية.

أطلس الدماغ

نُشرت مؤخرًا خرائط أخرى للدماغ. أولًا، في شهر آذار/مارس 2025، نُشر أول خريطة دماغية لـ”محطات الطاقة“ (أجزاء من الخلية تسمى الميتوكوندريا Mitochondria) في الدماغ البشري، ثمَّ بعد أسبوعين، ولأول مرة، أعيد بناء مليمتر مكعب من دماغ الفئران ثلاثي الأبعاد. كان هذا الأخير عملاً دقيقًا على التفاصيل التشريحية حتى مستوى المشبك العصبي (الوصلة بين خليتين عصبيتين)، مع التركيز على دارة المعلومات في الدماغ، في حين أن أعمال IBL تركز بقدر أكبر على وظيفة المناطق المختلفة، أو بعبارة أخرى، تحديد المنطقة التي تشفر الآلية.

رسم خرائط نحو 95% من حجم الدماغ

دماغ الفأر وهو يومض أثناء اتخاذ القرار

دماغ الفأر وهو يومض أثناء اتخاذ القرار

”بفضل هذا التعاون الواسع النطاق، عمل 21 مختبرًا معًا على نموذج تجريبي واحد لتسجيل النشاط الفردي للخلايا العصبية الموزعة في 279 منطقة من الدماغ، أي 95% من حجم دماغ الفأر“ كما يوضِّح ألكسندر بوجيه Alexandre Pouget، الأستاذ في قسم العلوم العصبية الأساسية بكلية الطب بجامعة جنيف ومؤسس مشارك في IBL الذي أطلق رسميًا في عام 2017، وقد أدخل نموذجًا جديدًا للتعاون في مجال علم الأعصاب يجمع مجموعة موحدة من الأدوات وإدارة المعلومات بين عدة مختبرات، مما يضمن قابلية تكرار البيانات.

سُجِّل نشاط 621.733 وحدة عصبية (خلايا عصبية ومجموعات خلايا عصبية) باستخدام 699 قطبًا كهربائيًّّا متطورًا في 139 فأرًا دُرسوا في اثني عشر مختبرًا. في النهاية، حدَّد الباحثون 75.708 خلية عصبية معزولة جيدًا واختاروها لتحليل دماغ بأكمله الفأر.

كان على كل قارض أن يؤدي مهمة تتطلب منه اتخاذ قرار. في هذه المهمة، يوضع فأر أمام شاشة ويظهر ضوء على اليسار أو اليمين. يستجيب الفأر عندئذٍ بتحريك عجلة صغيرة في الاتجاه المناسب لمحاذاة النقطة المضيئة، من أجل الحصول على مكافأة (ماء). إذا فشل في هذه المهمة، يصدر صوت ضجيج أبيض (مثل صوت التلفزيون عندما لا يوجد بث) لمدة ثانيتين.

على الخريطة، يضيء الدماغ بأكمله عندما يكون في طور اتخاذ القرار، 

 في بعض التجارب، تكون الإضاءة ضعيفة للغاية بحيث يكون على الحيوان تخمين الاتجاه الذي يجب أن يدوِّر فيه العجلة. يعتمد الفأر على تكرار ظهور الضوء سابقًا على اليسار أو اليمين لإصدار تخمينات. توصلت فرق البحث إلى اكتشافين رئيسين. أولًا، أن إشارات اتخاذ القرار موزعة في جميع أنحاء الدماغ. وهي ليست موجودة في مناطق محددة، على عكس النموذج المقبول عمومًا لشجرة القرار الهرمية. يوضح لنا ألكسندر بوجيه ذلك بقوله: ”هناك تواصلٌ مستمر بين مختلف مناطق الدماغ طوال عملية اتخاذ القرار“، ”وهذا يسمح بدراسة كيفية تأثير التنبؤ القائم على التجربة السابقة على الإدراك واتخاذ القرار“،. ” لاحظنا أنه عند اتخاذ القرار أنَّ الدماغ يضيء بأكمله مثل شجرة عيد الميلاد!

انطلاقًا من هذه التجارب، أُنشئت خريطة مفصَّلة للغاية للدماغ في هذه الحالة من بداية العملية وحتى الحصول على المكافأة. وقد لاحظ علماء الأعصاب أيضًا انتشار إشارات الخلايا العصبية في جميع أنحاء الدماغ أثناء اتخاذ القرار، مما يدلُّ على وجود اتصال مستمر بين مختلف مناطق الدماغ.

بالنسبة لمؤلفي الدراسة، هذا يوضح أهمية أخذ العضو ككل في الحسبان في المستقبل لتحليل التصرفات المعقدة. يمكن اعتماد هذه الأداة الخرائطية للحصول على رؤية أشمل لعمل الدماغ. “تقليديًا، تدرس علوم الأعصاب مناطق الدماغ على نحو منفصل. يتيح لنا تسجيل الدماغ بأكمله الآن فرصة فهم كيفية ترابط جميع أقسامه”، كما يؤكد كينيث هاريس Kenneth Harris، أستاذ علم الأعصاب الكمي في كلية لندن الجامعية (UCL) الذي شارك في الدراسة.

بالنسبة لتاتيانا إنجل Tatiana Engel، الأستاذة في جامعة برينستون (الولايات المتحدة) وعضو في IBL، يبرهن إنجاز مثل هذه الخريطة على أهمية التعاون العلمي الواسع النطاق في مجال علم الأعصاب، كما كان الحال مع مشروع Human Genome في مجال علم الوراثة أو Cern في مجال الفيزياء النووية. إن نشر هذه الخريطة هو ”أمر مثير للإعجاب، ولكنه ليس غاية في حد ذاته“. ”الآن بعد أن طورنا هذا النموذج، وأصبحت المنصة متاحة، نأمل أن تتبناه فرق أخرى لدراسة تصرفات أخرى“، يضيف ألكسندر بوجيه. يتوقع الباحث تقاسم أدوات علم الأعصاب من هذا النوع بقدر متزايد، ”مثلما هو الحال مع التلسكوبات المتطورة في علم الفلك“.

في المستقبل، يأمل هذا الباحث في علم الأعصاب في التمكن من توسيع نطاق التجارب لتشمل كائنات حية يمكنها التحرك بحرية في مساحة التجربة. ”في الوقت الحالي، تُثبَّت رؤوس الفئران للحفاظ على الجهاز. ولكنَّ التكنولوجيا في طور التطور! أصبحت الأقطاب الكهربائية مصغَّرة بقدر متزايد، إذ يمكن وضعها على الفئران دون أن تكون ثقيلة للغاية“، كما يقول بفخر.

قد يعجبك أيضًا

أدخل تعقيبك

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?

نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين استخدامك للموقع فقط. نفترض أنك موافق على ذلك، ولكن بوسعك إلغاء موافقتك إن كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد...

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط

متصفحك مفعِّل لمانع الإعلانات!

شكرًا لدعمك لبوابة العلوم والتقانات من خلال تعطيل مانع الإعلانات!